يعد فقدان حاسة الشم والتذوق المؤقت والمفاجئ من الأعراض الشائعة للإصابة بكوفيد-19، أو ما يعرف بفيروس كورونا المستجد،[١][٢] وفي العديد من الأحيان يكون هذا هو العرض الأول الدال على الإصابة بالفيروس،[٢] ومن الجدير بالذكر بأنّه ليس عَرَضًا شائعًا مصاحبًا للعديد من الأمراض والعدوى كغيره من الأعراض مثل: الحمى والسعال المرافقان للإصابة بمعظم أنواع العدوى التي تصيب الجهاز التنفسي، لذا يعتبر فقدان الشم أو التذوق المفاجئ وغير المصحوب باحتقان الأنف من أهم الأعراض وأكثرها قدرة على تنبؤ الإصابة بفيروس كورونا المستجد،[٣][١] لكن كيف يؤثر فيروس كورونا المستجد في حاستي الشم والتذوق؟ وكيف يمكن التخفيف من ذلك والتعايش معه؟

لماذا يحدث فقدان الشم والتذوق بعد كوفيد-19؟

إن السبب الرئيسي وراء فقدان حاسة الشم والتذوق بعد الإصابة بفيروس كوفيد-19 لا يزال مجهولًا، ولكن تشير بعض الدراسات أن الفيروس يؤثر مباشرةً في المنطقة التي تقع بها الخلايا العصبية الشميّة، فلا تعود هذه الخلايا قادرة على استشعار الروائح، وتتأثر حاسة التذوق بهذا الضرر نتيجةً لارتباط الحاستين معًا، ففقدان حاسة الشم يُقلِّل من قدرة الأشخاص على تذوّق نكهات الطعام المختلفة، كما قد يكون لفيروس كورونا المستجد تأثير مباشر في حاسة التذوّق، إلا أنّ هذا غير معروف بدقة إلى الآن.[٤][١]


يحتوي سقف الأنف على الخلايا العصبية الشمية التي تتصل مع الدماغ لإدراك الرائحة، بالإضافة إلى الخلايا المساندة لهذه الخلايا العصبية، فعند دخول فيروس كورونا إلى الأنف، يرتبط الفيروس بمستقبلات موجودة على سطح الخلايا المساندة تدعى مستقبلات ACE2، وارتباطه بهذه المستقبلات يسمح له بالدخول إلى الخلايا وإصابتها بالعدوى،[٢] وهذا ما يُسبِّب حدوث تغيرات في حاسة الشم، لكن يحدث ذلك دون إصابة الخلايا العصبية الشمية مباشرةً بالعدوى،[٣] فمستقبلات ACE2 غير موجود على سطح الخلايا العصبية الشمية، لذا لا يستطيع الفيروس دخولها، إنما فقط يدخل للخلايا المساندة، وهذا ما يُفسَر كون فقدان حاسة الشم مؤقتًا في غالبية حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد، فعادةً يدون فقدان حاسة الشم بعد الإصابة بفيروس كورونا المستجد لمدة أقصر من فقدان حاسة الشم الناتج عن الإصابة بالفيروسات المؤثرة في الخلايا العصبية الشميّة مباشرةً، ففي هذه الحالة الأخيرة لا بد من إعادة بناء الخلايا العصبية مرة أخرى لاستعادة حاسة الشم.[٢]




في الحقيقة تسبِّب الكثير من الفيروسات فقدانًا لحاسة الشم أو التذوق، وليس فيروس كورونا المستجد وحده، فقد تفقد حاسة الشم لبضعة أيام عند الإصابة بالرشح أو الإنفلونزا مثلًا، ولكن يختلف الأمر قليلًا مع فيروس كورونا، ففقدان حاسة الشم عند الإصابة بالإنفلونزا أو الرشح ينتج عن احتقان الأنف، أما في فيروس كورونا فيرتبط بتضرُّر الخلايا المساندة للخلايا العصبية الشمية، ويحدث فقدان الشم المرتبط بفيروس كورونا المستجد بشكل مفاجئ ولمدة أطول بالمقارنة مع فقدان حاسة الشم الذي يحدث بعد الإصابة بالإنفلونزا أو الرشح في أغلب الأحيان.



[٢]


كم يستمر فقدان الشم والتذوق بعد كوفيد-19؟

تختلف المدة اللازمة للتعافي واستعادة حواس الشم والتذوق من شخص لآخر بعد الإصابة بفيروس كورونا المستجد، إلا أنّ معظم المصابين يتحسنون ويبدأون باستعادة قدرتهم على الشم والتذوق خلال أربعة أسابيع، لكن في بعض الحالات النادرة قد يكون فقدان حاسة الشم والتذوق دائمًا.[٥][٦]


تجدر الإشارة إلى أنّه أحيانًا قد تعود حاسة الشم والتذوق بعد التعافي من فيروس كورونا المستجد ولكن بشكل غير طبيعي، فلا تكون الأشياء بنفس الرائحة أو الطعم المُعتاد عليه قبل الإصابة، فمثلًا قد يشم الشخص رائحة الموز كرائحة اللحم المتعفن، وقد يستمر هذا لعدة أسابيع أو أشهر بعد الإصابة، ومع ذلك يعتقد الأطباء أنّ هذا علامة جيدة، وأنّه إشارة على أنّ الشخص في طريقه للتعافي،[٥][٧] كما أنّه في حالات أخرى قد يعاني الشخص من تصوّر وجود روائح كريهة على الرغم من عدم وجود أي روائح في الحقيقة.[٦]


هل يمكن أن أخسر حاسة الشم أو حاسة التذوق فقط وليس الاثنين معًا عند الإصابة بفيروس كورونا؟

غالبًا لا، فمن غير الشائع أن تخسر إحدى الحاستين فقط، فإذا فقدت حاسة الشم ستلاحظ أيضًا بعض التغيّر أو الضعف في حاسة التذوق.[٦]


كيف يمكن استعادة حاسة الشم والتذوق بعد كوفيد-19؟

رغم الجهود المبذولة في علاج مشكلة فقدان حاسة الشم والتذوق، إلا أنه لا يوجد علاج مؤكد إلى الآن لاستعادة الحواس أو منع فقدانها عند الإصابة بكوفيد-19،[٦] لكن لحسن الحظ فإن الخلايا العصبية الشمية قابلة للتجدّد، وهذا يساعد على استرجاع حاسة الشم والتذوق بالتدريج دون الحاجة للعلاج الطبي،[٨] ومع ذلك قد يوصيك الأطباء بتجربة بعض النصائح الآتية في حال استمرار فقدان حاسة الشم لمدة أسبوعين بعد الإصابة، ونذكر هذه النصائح كالآتي:[٩]

  • درّب حاسة الشم لديك بشكل يومي: ينصح العديد من المختصين بتدريب حاسة الشم من خلال شم الروائح القوية مثل: الليمون، والقرنفل، والأزهار، والزيوت العطرية كالأوكالبتوس، وغيرها مرتان يوميًا ولمدة 20 ثانية في كل مرة لكل نوع، مع الاستمرار على هذا الروتين لثلاثة أشهر على الأقل، حيث يساعد هذا على تقوية الأعصاب الشمية وإعادتها لطبيعتها قدر الإمكان، فلا تيأس إن اختلفت بعض الروائح عما اعتده سابقًا.
  • حاول تذكُّر الرائحة أو المذاق في عقلك: إذا كانت حاسة الشم أو التذوق لديك معدومة تمامًا، قد تساعدك محاولة تذكر الرائحة أو المذاق الذي اعتدته سابقًا على استعادة هذه الحواس، فيوقظ عقلك هذه الحواس ويسترجع الشعور المصاحب لكل رائحة، حتى تعود الحواس لطبيعتها بالتدريج.[٨]
  • ركز على النكهات الأساسية في الطعام: إذا كان يصعب عليك تمييز النكهات المختلفة في الطبق الواحد، ركز على النكهات الأساسية مثل: حلو، أو حامض، أو مالح، أو مر، واهتم أيضًا بقوام الطعام وشكله، فسيساعدك هذا على التركيز على ما بإمكانك تذوقه، بدلًا من التركيز على ما لا يمكنك تذوقه.[٨]




لا يوجد إلى الآن أي أدوية مُثبَت فعاليتها في استعادة حاسة الشم والتذوق بعد الإصابة بفيروس كورونا المستجد.



[٩]


كيف تحافظ على التغذية السليمة والشهية المفتوحة للطعام خلال فترة فقدان حاسة الشم والتذوق؟

يشكل فقدان حاسة الشم والتذوق إزعاجًا كبيرًا لك في حال إصابتك، فعندما لا تستطيع تذوق طعامك والاستمتاع به، قد تفقد رغبتك في تناول الطعام، ممّا قد يؤدي إلى إصابتك بسوء التغذية، وهنا تكمن أهمية محاولتك في المحافظة على تناول غذاء صحي متوازن قدر الإمكان،[١٠] وإليك بعض النصائح التي قد تساعدك على ذلك:[١١]

  • اختر أطعمة مُميزة بالشكل واللون ومُحببة للنظر.
  • استخدم البهارات والتوابل، والأعشاب العطرية عند تحضير طعامك.
  • أضف مكونات تقوي من نكهة الأطعمة، مثل: الجبن، أو زيت الزيتون، أو المكسرات.
  • تجنب أصناف الطعام التي تحتوي على الكثير من المكونات، إذ إن ذلك قد يُقلِّل من إحساسك بالطعم عمومًا، كما لن تتمكن من تذوّق النكهات الفردية.




لا يوجد معلومات كافية إلى الآن حول طريقة علاج فقدان حاسة الشم أو التذوق بعد الإصابة بكوفيد-19، وجميع هذه الأساليب لا تزال تحت الدراسة والتجريب.



[٩]

المراجع

  1. ^ أ ب ت "COVID-19 and Smell Loss (Anosmia)"، news-medical، 24/6/2021، اطّلع عليه بتاريخ 24/6/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث ج "Will the COVID-19 Vaccine Bring Back My Sense of Smell and Taste?"، goodrx، 24/6/2021، اطّلع عليه بتاريخ 24/6/2021. Edited.
  3. ^ أ ب "How COVID-19 Causes Loss of Smell", harvard, 24/6/2021, Retrieved 24/6/2021. Edited.
  4. "COVID-19: Loss of Smell, Taste Might Be Long-Term", webmd, 24/6/2021, Retrieved 24/6/2021. Edited.
  5. ^ أ ب "HOW TO GET YOUR SMELL AND TASTE BACK AFTER COVID-19", thehealthnexus, 24/6/2021, Retrieved 24/6/2021. Edited.
  6. ^ أ ب ت ث "Q&A: COVID-19 and loss of smell, taste", mayoclinichealthsystem, 24/6/2021, Retrieved 24/6/2021. Edited.
  7. Brunilda Nazario (24/3/2021), "What Is Parosmia?", WebMD, Retrieved 24/6/2021. Edited.
  8. ^ أ ب ت "Coping with the loss of smell and taste", health.harvard, 24/6/2021, Retrieved 24/6/2021. Edited.
  9. ^ أ ب ت "Olfactory Dysfunction in COVID-19"، jamanetwork، 25/6/2021، اطّلع عليه بتاريخ 25/6/2021. Edited.
  10. "Loss of taste and smell with COVID-19", medicalnewstoday, 24/6/2021, Retrieved 24/6/2021. Edited.
  11. "taste disorders", nidcd.nih, 24/6/2021, Retrieved 24/6/2021. Edited.