لا يشكل الدوار الدهليزي مشكلةً صحيةً مقلقة في معظم الأحيان، إذ أنه لا يهدد حياة الأشخاص المصابين به، بل يقتصر تأثيره في التسبب بالانزعاج الكبير للعديد من الأشخاص الذين يعانون منه، وعلى الرّغم من إمكانية الإصابة به في المراحل العمرية المختلفة، إلا أنّه يؤثر في الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا بنسبة أكبر، خاصّةً لدى النساء، وفي هذا المقال سنلقي نظرة على هذه الحالة، وأعراضها، والأسباب، وخيارات العلاج الممكنة.[١]

ما هو الدوار الدهليزي

يُعرف الدوار الدهليزي علميًّا باسم دوّار الوضعة الانْتيابيُّ الحَمِيْد، ويمكن تعريفه بأنّه اضطراب يصيب الأذن الداخليّة عادةً لبضع دقائق فقط، يتسبب خلالها بتغيّرات على وضعية الرّأس، مثل إمالة الرّأس للخلف، ما قد يؤدّي إلى دوار مفاجئ يتراوح في شدته.[٢]


أعراض الدوار الدهليزي

يعدّ الدوار عرضًا رئيسيًّا مرتبطًا بنوبة الدوار الدهليزي، ويستمرّ لفترةٍ قصيرة تتراوح ما بين 20 إلى 30 ثانية، وقد يمتدّ إلى دقيقةً واحدة كحدّ أقصى، ومن ثمّ يختفي تمامًا إذا حافظ الشخص على ثبات رأسه،[٣] وقد يرافق الدوار ظهور بعض الأعراض الأخرى المختلفة في بعض الأحيان، فيما يأتي سنذكر أبرزها:[٤]

  • مشاكل في الرّؤية، مثل الشعور بأنّ الأجسام تقفز أو تتحرّك.
  • فقدان السّمع.
  • فقدان التوازن.
  • استفراغ وغثيان.




تختفي أعراض الدوار الدهليزي في غضون عدّة أسابيع أو أشهر في معظم الحالات، وبالرغم من ذلك، من المُمكن أن يتكرّر ظهور الأعراض لدى بعض الأشخاص بعد شهور أو سنوات، كما من الممكن أن تستمرّ الأعراض لسنواتٍ بعد عودتها.



[٣]


أسباب الدوار الدهليزي

على الرّغم من عدم وجود سبب محدّد وواضح لحدوث الدوار الدهليزي في كثير من الحالات، وخاصّة في حالات إصابة كبار السّن، إلّا أنّ من الممكن أن تُعزى الإصابة إلى التعرض لبعض العوامل، فيما يأتي ذكر لأبرزها:[٥]

  • الإصابة بأمراض الأذن الداخليّة الأخرى.
  • ممارسة التمارين الرّياضيّة المُجهِدة.
  • إصابات الرّأس التي تتراوح شدتها من الخفيفة إلى الشديدة.
  • عدم تحريك الرّأس أو تغيير وضعيته لفترةٍ طويلة، مثل: الجلوس على كرسي طبيب الأسنان، أو في صالون التجميل، أو أثناء الرّاحة لفترة طويلة في الفراش.
  • ركوب الدرّاجة على مسارات الطرق الوعرة.


تأثير الدوار الدهليزي

يُعتقد أنّ إصابات الدوار الدهليزي نادرة الحدوث بين الأطفال، في حين يعتبر تأثيره في الأشخاص البالغين من مختلف الفئات العمرية أمرًا شائعًا، وخاصّة كبار السّن، حيث يُقدّر معدّل حدوثها بـ 107 حالة لكل 100،000 سنويًّا.[٦]


كيف يحدث الدوار الدهليزي؟

يُعزى سبب الإصابة بالدوار الدهليزي إلى حركة بعض جزيئات كربونات الكالسيوم الموجودة داخل الأذن، والتي توصف بغبار الأذن (بالإنجليزية: Otoconia)، حيث تتسبب حركة هذه الجزيئات داخل قنوات الأذن المسؤولة عن استشعار حركة دوران الرأس بتجمعها وتكتّلها معًا، ومن ثم التصاقها بالقنوات الداخلية وصعوبة حركتها بسبب كتلتها الكبيرة نسبيًّا مقارنةً بالجزيئات الأخرى الموجودة داخل قنوات الأذن، وتتسبب هذه التكتلات بإعاقة تدفّق السّائل الموجود في قنوات الأذن الداخليّة، والذي تساهم حركته في استشعار الحركة أو التوقف أو تغيير وضعية الجسم، ما يؤدي إلى اضطراب في استشعار هذه التغيرات.[٧]


الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالدوار الدهليزي

بالرغم من إمكانية مساهمة بعض المشكلات الصحية الأخرى في زيادة احتمال الإصابة بالدوار الدهليزي، إلا أنه من غير المؤكد أن علاج هذه الحالات من شأنه أن يخفف من فرص الإصابة به، وفيما يأتي ذكر لبعض هذه الحالات:[٨]

  • ارتفاع نسبة الكوليسترول أو أنواع الدهون الأخرى.
  • التعرض لإصابة في الرّأس.
  • الصداع النصفي.
  • التهاب الشرايين ذات الخلايا العملاقة.
  • ارتفاع ضغط الدم.
  • إصابة سابقة بالسّكتة الدماغيّة.


تشخيص الدوار الدهليزي

يُجري الطبيب بعض الفحوصات المبدئية للبحث عن أي علامات قد تشير إلى حالة أساسيّة مسبّبة للدوار الدهليزي، مثل الفحص الجسدي العام وفحص الأذن، بالإضافة إلى تقييم الأعراض التي يعاني منها الشخص، ومراجعة تاريخه الطبّي، كما يلجأ الطبيب إلى إجراء بعض الاختبارات للمساعدة على تشخيص الدوار الدهليزي، ونذكرها فيما يأتي:[١]

  • مخطّط كهربيّة الدماغ: يُستخدم اختبار مخطّط كهربيّة الدماغ (EEG) لقياس نشاط الدماغ واستبعاد أي حالات عصبيّة كامنة محتملة.
  • اختبار ديكس هالبايك: يستلقي الشخص خلال إجراء هذا الاختبار ديكس هالبايك على ظهره، ويقوم الطبيب حينها بتحريك رأس الشخص بشكل دائري، وذلك لملاحظة ما إذا تسببت هذه الحركات بالدوار للشخص، ما يدل على إصابته بالدوار الدهليزي.
  • تخطيط كهربيّة الرأرأة: يراقب الطبيب في اختبار تخطيط كهربية الرأرأة حركات عين الشخص في ظل ظروف مختلفة، مثل تحريك الرّأس أو النظر إلى ضوء.
  • التصوير بالرّنين المغناطيسي: يساعد التصوير بالرنين المغناطيسي على تأكيد التشخيص في حال عدم التوصل إلى نتيجة مؤكدة من خلال الاختبارات السابقة، حيث يتم من خلاله فحص الرّأس والأذن الداخليّة.


علاج الدوار الدهليزي

يختفي الدوار الدهليزي من تلقاء نفسه في غضون أسابيع قليلة، حيث يعتاد الدماغ على الإشارات المضطربة التي تصله من الأذن الداخليّة مع مرور الوقت، وتتوفر خيارات علاجيّة عديدة لعلاج الدوار الدهليزي في حال استمر لفترة طويلة، فيما يأتي ذكرها:[٩]


العلاج الطبّي

يمكن أن يلجأ الطبيب إلى علاج الدوار الدهليزي باستخدام إجراء يسمى بمناورة إيبلي (بالإنجليزية: Epley maneuver) أو إجراء مناورة سيمونت (بالإنجليزية:Semont maneuver)، وهي إجراءات علاجية تعتمد على القيام ببعض التمارين البسيطة التي تساعد على اعتياد الدماغ على إشارات الدوار المربكة، بالإضافة إلى إمكانية استخدام بعض الأدوية للتقليل من حالات الغثيان والقيء الشديد.[٩]


الجراحة

قد يوصي طبيبك بإجراء جراحي في حالات نادرة في حال عجز العلاجات المذكورة أعلاه في إعادة تهيئة وضعية قنوات الأذن، إذ تبلغ نسبة نجاح هذه العمليات حوالي 90%، ويقوم الطبيب خلال الجراحة بسدّ الجزء المسبب بالدوار في الأذن الداخليّة باستخدام سدّادة عظميّة، حيث تساعد السدادة على منع الاستجابة لحركات الجسيمات أو حركات الرّأس بشكلٍ عام، ما يساهم في الوقاية من الدوار.[١٠]


النصائح العامة

تساهم النصائح التالية في التخفيف من الدوخة المرتبطة بالدوار الدهليزي:[١٠]

  • اجلس فورًا عندما تشعر بالدوار.
  • احرص على حماية نفسك من السقوط أو التعرض لإصابات خطيرة بسبب فقدان توازنك.
  • تجنّب الحركات التي تتسبّب لك بالدوار، مثل النظر للأعلى.
  • أخبر طبيبك عن الأعراض التي تواجهها، لإدارتها بفعاليّة ومساعدتك في حل المشكلة.
  • استخدم إضاءة جيّدة إذا استيقظت في اللّيل.
  • استخدم العصا أثناء المشي لمساعدتك على التوازن إذا شعرت باحتمال تعرضك لخطر السّقوط.
  • تجنب الانحناء لالتقاط الأشياء.[٨]
  • استخدام وسادتين في السرير لرفع رأسك.[٨]
  • تجنب ممارسة التمارين الرياضية التي تتطلب دوران الرّأس، مثل السّباحة.[٨]
  • تجنب النوم على جانبك المصاب.[٨]
  • انهض من سريرك ببطء وهدوء.[٨]
  • أوقف قيادة السيارة فورًا إذا تعرضت لنوبة دوار خلال القيادة.[٣]
  • أخبر مديرك في العمل حول حالتك الصحية لمساعدتك على تجنب استخدام أي أدوات من شأنها تعريضك لنوبة الدوار الدهليزي.[٣]

دواعي مراجعة الطبيب

من الضروري مراجعة الطبيب إذا واجهت بعض الأعراض التالية:[١]

  • التعب المستمرّ.
  • نوبات متكرّرة أو طويلة الأمد من الدوار.
  • الإصابة بالحمّى.
  • الشعور بألم في الرّقبة.
  • الغثيان أو القيء.
  • الصّداع.
  • صعوبة في الكلام أو الرؤية.[٤]
  • عدم تحسن الحالة بعد استخدام الدواء.[٤]


المراجع

  1. ^ أ ب ت Jamie Eske (27/8/2019), "What is benign paroxysmal positional vertigo?", medicalnewstoday, Retrieved 17/6/2021. Edited.
  2. "Benign Paroxysmal Positional Vertigo (BPPV)", clevelandclinic, 6/4/2019, Retrieved 17/6/2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث Dr Jacqueline Payne (28/9/2016), "Benign Paroxysmal Positional Vertigo", patient, Retrieved 17/6/2021. Edited.
  4. ^ أ ب ت "Benign positional vertigo", medlineplus, 9/6/2021, Retrieved 17/6/2021. Edited.
  5. "Benign Paroxysmal Positional Vertigo (BPPV)", hopkinsmedicine, Retrieved 17/6/2021. Edited.
  6. Sheelah Woodhouse, "BENIGN PAROXYSMAL POSITIONAL VERTIGO (BPPV)", vestibular, Retrieved 17/6/2021. Edited.
  7. Brunilda Nazario (8/9/2020), "Benign Paroxysmal Positional Vertigo (BPPV) Overview", webmd, Retrieved 17/6/2021. Edited.
  8. ^ أ ب ت ث ج ح "Benign Paroxysmal Positional Vertigo", cedars-sinai, Retrieved 17/6/2021. Edited.
  9. ^ أ ب "Benign Paroxysmal Positional Vertigo (BPPV)", uofmhealth, 2/12/2020, Retrieved 17/6/2021. Edited.
  10. ^ أ ب "Benign paroxysmal positional vertigo (BPPV)", mayoclinic, 18/8/2020, Retrieved 17/6/2021. Edited.